استجابةُ دعاء

السّابع من فبراير-٢٠١٧م.
من نصّ رسالةٍ طويلة:
"سؤالي هو.. لِم تراني آتيكَ في أشدّ لحظات حياتي دمامةً، أشدّها ظُلمةً وجحداً وخوف! لِم آتيكَ وأنا أرتجفُ على خيطِ الأملِ الرّفيع الذي يفصل بين نجاتي والتخلّي عنك؟ لم آتيكَ طالبةً الجمالَ ومُتأكدةً أنّك ستهبني إيّاه!
أهلكَني السؤال، وأهلكني ضعفي الذي لا يأتيني بالجواب.
أنتظركَ في ظلمة الليالي، أن تُرسل رسولاً على هيئة حُلم، أو أن تُبيّن لي علاماتٍ تدلّني عليكَ أو ما شابه. أنعِم عليّ بالجواب فإنّي هلِكت.
لا أزالُ أظنّ أنني أحوي القليلَ من النّور، ذاك النّور الذي أتى منك، ربّما لم يبتلعه الظلامُ بالكامل، ربّما هذا الجمال لا زال يصارعُ للعيش. انقِذه، مدّ يدكَ إليه وأطفئ ناره.
‏(اللهمَّ إنّي أسألُكَ من جمالِكَ بأجمَلِه، وكُلُّ جمالِكَ جميل..
‏اللهمَّ إنّي أسألُكَ بجمالكَ كُلِّه) أن تُنزِل عليَّ قليلاً من كثيرِ لُطفِكَ وجمالك، فالقليلُ منكَ ياربّ جزيلٌ ثَر؛ فانقِذ عبدكَ التائه في ظُلمة الدّنيا، المُعذّبُ بالقلّة والنزْر.
-
العاشر من يوليو-٢٠١٧م.
الرّسالةُ المُرفقة هُنا قد كُتبت عِندما كُنت أعاني من فرطِ الجحود. لم أكُن أعلم إن كُنت مؤمنةً أم لا، إن كانَت روحي تحوي جمالاً حقًا أم أن هذه كذبةٌ اعتدتُ عليها كي أهوِّد جرحي. طوالَ تلكَ الأيام كُنت أخوض اليأس التّام منّي، السّببُ الوحيدُ الذي أبقاني على قيدِ الحياةِ حتّى الآن كان أمي، إيمانُها الفائض قد غلبَ قنوطيَ من العَيْش. كُنت قد وصلت لمرحلةٍ أدعوكَ فيها وأنا أتساءلُ بخوفٍ إن كُنت تسمعني أم لا -كنتُ أدعوكَ فقط كي أُقيم الحجة على نفسي، حتى أكون قد اتّخذت كلّ السّبل للنجاة قبل أن أغرق-، كُنت أتساءلُ إن كُنت تحبّني أم أنا من المنسيّين مِن عبادِك؛ ولكن.. حاشا للهِ أن ينسانا؛ يبدو أن ملاكاً ما أوصلَ دعائي تلكَ الليلة إليك. أعتذرُ ياربّي عن سوء ما ظننت؛ فلا تفعل بي ما أنا اهله.
بعد أن بدأت بالتّعافي من ذاك الشّعور، أرسلتَ ليَ نفسي، أرسلتَ لي شخصًا لم أكُن أظنّ قط أني سأُقابله، شخصًا أنزلتَه من الجنّة ليَ فقط، كي يدلّني إليك، وكي يهِبني كلّ الحبّ الذي أضعته.
إنّ رسولكَ هذا ياربّي قد وجدَ فيّ من المشاعرِ ما وجَد، مشاعراً لم أكن أدري بوجودِها. إنّه ياربي أخذَ بيدي للنّور، عرّفني ما معنى أن أكون إنساناً، أن أُحِبّ وأُحَب. إنه قد عرّفني علي، لم أكُن أدري أنني وُلِدت مع أحاسيسٍ كهذه، لقد أنقذَني من جهلي، زادَني إيماناً بك، وأكّد لي أن الحبّ مُمكن.
إنني ياربّ -وحقّ بهائك- أحبّه. أحبّ الطريقة التي يهبني فيها السّعادة، مُذ عرفته وأنا أعيشُ حلماً طالما آمنتُ باستحالته، ولكنّه أتى بالكثير من الشّعر والحبّ والجمال فاقتلعَني من الترَح الذي كنت أعيشه وحقّق الحلم.
أحبّ عينيه النّاعستيْن، وأحبّ ابتسامته وكلّ شيءٍ هوَ عليه. أصبحتُ أحبّني بعد أن أتى، أحبّ طفولتي المؤذية أحيانًا ونضوجي أحياناً أخرى، أصبحتُ أحبّ الصباح والملائكة والقمر. زادَ إيماني بالطفولة. كلّ ما كُنت أخشى أن أظهرهِ للعالمِ منّي قد أظهرتهُ له. لا أدري ما الذي أفعلهُ يارب، ولكنني متيقّنةٌ أنّي أحبّه. إنني أعيش تلكَ الحياة التي لم أستطِع الوصول إليها حتى في الأحلام. إنّه يحملُ بين أضلاعه لطفاً لم أعهدهُ أبدًا، لم يكُن يخطرُ على بالي.
لا أدري كيفَ أشكركَ يا إلهي على عظيمِ منِّكَ وهداياك، ولكنّك قد أنقذتني بعد أن استحالَت في عيني النّجاة، ولا مُستحيلٌ بينَ يديك. رزقتني سعادةً لم أكُن انتظرها، فأنا كما تعلم.. قد اعتدتُ اليأس.
أتمنّى أن لا يكونَ حبّي له أنانيًا أبداً، فإنني أحبّه من كلّ قلبي، أحبّه بكلّ ذرّة روحٍ نفثتها فيّ. فاَبقِ هذه المشّاعر أزلًا تسري سريانَ الدمِ في جسدي. آمين. 

تعليقات

المشاركات الشائعة