لكَ اللهُمَّ..

الشُّكرُ لكَ إذْ أخذتَ نجوايَ المُهشّمة بيديكَ الحانِيَتيْن، حيثُ طهّرتَها، وأعدتَ خلقها بروح استجابةٍ مِن سماواتِك. الحمدُ للُطفكَ إذْ ألقيتَ على صدريَ العاري الكمِد ثِيابَ تعطُّفِكَ وتَحْنانِك؛ فأشعلتَ الدّفءَ فيه حتى أشدّ أصقاعهِ برودةً.

لكَ المجدُ إذْ مهّدتَ لي طريقًا مِن سنائك؛ حتىٰ أسعى فيهِ مِنكَ إليك. هذا الطريقُ الذي خلقتَه فأخفيتَه في قرارةِ نفسي كيْ يكون ملجئي أنّى تخبّط مسيري، ومُعيدَ استقامَتي متى ما تعثّر خطايَ. وما كانَ هذا الطريقُ أيّها الرّحيم مخلوقًا إلّا مِن نورِ أوليائك، فما جُبِرت كسورُ روحيَ إلّا بهِم، وما كُفكِفَت أدمُعي إلّا بفضلهم..

"اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآلِه صلاةً دائمةً ناميةً لا انقطاعَ لأبدِها ولا مُنتهىٰ لأمدِها، واجْعَل ذلكَ عوْنًا لي وسببًا لِنجاحِ طلِبَتي، إنَّكَ واسِعٌ كريم"

فلكَ الحمدُ حتى انقطاعِ النّفسِ إذْ عرّفتنا أولياءَك، وسمحتَ لنا أن ندعوكَ بأسمائهم.. فاستجبتْ. لك الحمدُ إذْ خلقتَ هذا السببَ الموْصولَ بيننا وبينَك؛ حيثُ يلوذُ المرء وقد أعياهُ ثقلُ الحياة.. فينقلبُ إلى أهلهِ مسروراً بقلبٍ مُطمئن.

أشكُركَ أيُّها الرّؤوف إذْ مدَدتَ ضَعفي بقوّةٍ مِنك، وجعلتَني بيْنَ عِبادِكَ ضليعَ الصّدرِ لا نُفوذَ لسطوَةِ الدّهرِ عليّ؛ وأحمدكَ وأُثْني عليكَ إذْ وهَبتَني ما تهِبُ مِن مأوىً للمُشرّدين؛ فأذنتَ لي بالبُكاءِ بين يديك، وسمحتَ لي أن أشعُرَ بهشاشَةِ روحي في حضرَتِك. إنَكَ تسمعُ جرّ أنفاسي، وتُدرك تراطُم المشاعِر في جوفي، وتعلمُ ما لا أفهمه مِن شكوىً في كلامي. إنّك تأخذني إليك.. -بل آتيكَ وافِداً- كي تُعيد ترتيبَ ما تبعثرَ مِن روحي؛ حتى تعيدَني للحياةِ عزيزًا بِك. فما أنا ياربّي إلَا الضّال الذي هديته* والخائفُ الذي آمنتَه* والضعيفُ الذي قوّيته*.

أيْ ربّ؛ أشعرُ بكَ في كلّ حين؛ فلكَ الشُّكر إذْ وهَبتني دوامَ استشعارِ وجودُك، ولكَ الحمدُ إذْ جلّيت حبّك وعطفكَ فيها.
إنّي أعلمُ أنّ يدكَ بالعطايا أعلى مِن كُل يد، ولكن؛ أنْ تَختزِل الجنّة في إنسانٍ؟ أن تُدثّرني -حالَ إيجادي في عالمِ الدّنيا- بأشدّ الأكنافِ دفئاً؟ أن تهِبَني أمّاً عظيمةً كهذِه؟
ياربِّ إنّ فضلَكَ آنسَني.. وإحسانَكَ دلَّني، فالحمدُ لك أبدًا سرمدًا.

تعليقات

المشاركات الشائعة