ترجمَةُ شوْق

آتٍ أنا، مُثقلٌ بالهمّ والشّوق. تتساقطُ مِن عينيّ أشواقٌ أعجزُ عَن شرحِها. أشعرّ بأنّي قد جنَيْتُ على نفسي بأن حكمتُ عليْها بالبُعد عنكِ. ولكنّه الحلمُ يا أمي؛ ذلكَ الحلمُ الذي سعَى له طفلكِ مُذ أن عرفَه، الحلم الذي يترجمُ كلّ محاولاتي بأن أكونَ فخْراً لشخصٍ كإيّاكِ. أعلمُ أنّي لستُ بالابنِ المثالي؛ ولكنّ الله آخذٌ بيَدي مِن أجلكِ أنتِ، وبسببكِ أنتِ. هذا الحلمُ تحققَ لا بتعبٍ منّي بل بدعوَةٍ مِن وحيِ قلبكِ أخذتها السّماءُ بأحضانِها. لستُ بعبدٍ مؤمنٍ ولكنّ الله يُحيطني برحمتِه لأنّكِ أمّي. لا أُخفيكِ أنّني كثيراً ما أسأل كيفَ لكائنٍ كإيّاي أن يكونَ ابنًا لملاكٍ كإيّاك، ولكنّها مشيئةُ الله.
مَن يعرفُ انساناً كأنتِ سيصعبُ عليه فراقه؛ فما بالُكِ لو كان هذا الإنسان أمّي؟ لا أدري، لعلّها دعوةٌ أخرى مِن دعواتِكِ الفجْريّة الصادقة ما يُبْقيني دونَ أن أفقدَ روحي بالبُعد. لا أدري كيفَ استطعتُ أن اقضيَ ليالٍ عديدة دونَ أن أقبّل خدّك. أفتقدُ تفقدكِ إيّاي صباح الجُمعة، تِلكَ الابتسامةُ التي -لا أدري كيف- تحملُ جمالَ الله بأكمله. قضَيْت أشهراً دونَ حضنٍ مِنك؛ ياه.. كيفَ لَم أتهاوى؟ ضمّكِ إيّاي كانَ الشيْء الوحيد الذي يُبقيني مُتماسِكاً مُتلاصقاً بعضي ببعضي.
هوَ دُعاؤكِ ما عوّضني عن كلّ هذا، دُعاؤكِ هوَ ما أبقاني متماسكاً حتى الآن. أرجو أن يطولَ مفعولُه؛ أخافُ أن تتهافَت مشاعري عِند عتبةِ نظرتكِ الحنونة. أخافُ أن ترَيْنَ ثُقل خطواتي وأنا أرنو نحوَكِ؛ مُتعبةٌ الخُطى نحوَ الأمانِ بعدَ خوفٍ تام. سترَيْن احتِباس أنفاسي؛ لأنّي أريدُ أن تتشبّع رئتايَ برائحة الجنّة المُنبعثةُ منكِ. سأترُكُ عِناقكِ للأخير، لأنّني سأُطيل العناقَ -إن استطعتُ- أزلاً. أيهجُرُ الجنّةَ مَن سكنَ فيها؟ فكيفَ لي أن أتركَ كنفكِ الذي أشتاق.. 
سألفظُ ما حوَيتُ من شوقٍ في أوّل دقيقةٍ مِن اللقاء؛ لأنّ التّوق قد أنحلَ أعظُمي، وما عِدت أحتملُ البُعد عنكَ لحظةً أكثر.

تعليقات

المشاركات الشائعة