بلاد المصائب.

يا قديمةَ الأحزان.. يا عتيقة الأسى والأشجان
آهٍ لندوبكِ, لجراحك يا أمّ الشّهادة
يا أم الفداء.
أبناؤكِ كُلّهمُ قد عرَجوا.. قُربانًا لسلام الأوطان
ولكن العالم ما ولّى وجهه شطر تضحياتِك
فاندثرت الميتاتُ -كما أنها لا شيء- رمادًا على وجه الزمان
وتفشّى اللا أمان في أرجائك.. وأرجاء المكان.
عيناكِ يا بِنت الصَبر تأرقُ خوفًا على بنيها
أسيَرجعون؟ أم هذه ثوانيهِم الأخيرة, سباتهم الأخير، قبل أن يرحلوا؟
أهذا رزقهُم من الدنيا فقط؟ بضع سنواتٍ لا تتعدى العشرين؟ وقدحٌ من ماء المصائب الآسن؟
أستسمعين صوت خطواتهم مجددًا؟
أم أنها قد نفدت؟ وسيُنبت الله لأرواحهم أجنحة؟
أسيُفتقدون؟ أم أن الفقد صار عادة
صار كالتنفّس؛ بل أكثر اعتياداً.
انظري لعينيكِ.. دموع الثكل تنضح منهما
ينهمرُ الفراتُ من عينكِ اليُسرى ألمًا
فتُواسيه اليُمنى بدجلةٍ كمدًا.
أيّ هواءٍ تتنفسين يا عظيمة؟
هواء الجِنان؟ أهذا ما يُصبّرك على قوارع الدّهر؟
أهذا ما جعلكِ تتجرّعين نغب الكَبَدِ كما لو أنها بارد منونٍ؟
أيهبّ عليكِ نسيمٌ من أرض سبط النبيّ، مُصاحبًا رياح أرض الغريّ
فتُصبّ عليكِ مصائبٌ لو أنها صبّت على الأيام صِرن لياليا؟
أم أن سحابكِ مرّ على الشّام فآتاكِ صبراً زينبيّاً هاشمياً؟
أيّ قلبٍ يا جليلة تحملين؟
تجمعين الأم والأُخت والابنة في قلبٍ مرقّعٍ، فقير
تشوبه جِراحٌ وندوبٌ تأبى أن تبرأ.
قلبك جافٌ كصحراء.. وماء الحياة يستعصي، لا ينوي الجريان.
فظلّي.. يا عالية الشأن/الشجوّ تعانين جفافًا وفقدانًا
إلى أن يظهر ابن الحسنِ ويأتي إليكِ بقوةٍ ومجدٍ كبير
فكوني مستعدةً لرؤيته. لرؤية أعراس شبّانكِ في السماء. لسماع صوت الزغاريد والأهازيج
بعد أن اعتدتِ على سماع مقطوعاتٍ من البُكائيّات المُتقنة.
سترين جنائز أعدائك في أسفل السافلين.. مع ملائكة الشياطين, في عذابٍ أزليّ.
ستسمعين صوت صرخاتهم تزيدُ الجحيم ناراً. سترين ثأركِ يُؤخذ بيدِ العزيز المُقتدر.
عراقُ يا عريقة الترَح. يا صاحبة الدّمع الأثري, والنوائب العَهيدَة.

انتظري، فالنصرُ آتٍ.

تعليقات

المشاركات الشائعة