كذِبة الحب

عندما كُنت طفلة.. سمعتُ صوت العالم يقول..
أنّ الحبّ حقيقي.
وأنّه جميلٌ جِداً.
وعِندما كبرتُ قليلاً آمنتُ أنّ الله قد قذفَ حبّ العالم بأسره في قلبي.
وأنّ لروحيَ توأمٌ في مكان ما،،
والله قد فرّقنا كي نجد -باتّباع الحب- طريقنا للسعادة.
عشتُ حياتي هذه وأنا أفكّر بنصفي الآخر، ماذا يفعل؟ أتراهُ الآن يفكّر كما أفكّر أنا؟
أهلاً يا أنت. إنّه أنا.. أتسمعُني!؟
-
أما الآن،
اكتشفتُ أنّ الحبّ ليس ورديّاً
وأنّه ليس جنّة.
وأنني عشتُ في كذبةٍ كبيرة.
وكلّ المحبّين يكذبون.
لم أرَ الحبّ إلا بالعُيون الحمراء
والجُفون الساهرة
والابتسامات المكسورة.
لم أرَه إلا مختبئًا خلفَ التجاعيد
مرميّاً على حافة القبور.
أكثرُ شيءٍ مُبهجٍ رأيتُ الحبّ قد تجلى فيه هو..
لا شيء.
-
الحُب..
تلك الكذبة التي صدّقتها،
ليست سوى كلمة! حرفين إثنين يكنّان عظمةً لا يقدرُ على حملها الكون بأكمله.
كيف يُمكن لتلكَ العظَمة أن تتحقَق لكائنٍ ضئيلٍ مثلي؟ الحُب لنا نحنُ الضعفاء تعيسٌ ومُتعبٌ ومميت.
الحُب الورديّ والمبهج الكاذب لأبناء الملوك والأمراء. لا لنا نحن.
-
أما نصفي الآخر؟
هذه كذبةٌ أخرى لا أدرِ كيف انطوَت علي. لقد شقيتُ طريقيَ في عالم الذر، وحدي. وعشتُ في ظلمة أحشاء أمي وحدي أيضاً. وأركضُ في هذه الأيام وحدي، الكلّ حولي كاذبٌ ومخادع، الكل راحلٌ وتارك، ستمضي الحياةُ وأنا وحدي إذاً. سأموت وحدي كذلك.
-
وإيماني بالحبّ العظيم الذي ينام في قلبي؟
أنا صغيرةٌ جدًا. سأرحلُ عن العالم دون أن أحدث أي صوت. لن يشعر أحدٌ برحيلي. سأرحل كما أتيت -دون أن أؤذي حضرة العالم- بصمت. سيُكتب على شاهدة قبري "هنا تنام التي لم تزعج العالم، لا تُوقظوها بإزعاجكم الآن"
لم أزَل نادمةً على كلّ اللحظات التي قضيتُها وأنا أفكّر بالحبّ والنهايات السعيدة، وأنا أُقنع نفسي أنّ الحياة كلّها أقواسُ مطرٍ وكعكٌ وابتسامات.
كيفَ لعاقلٍ أن يعتقد أنّ هذا العالم الذي يأوي الحروب والقتل والكره قد يأوي الحبّ أيضاً؟ الحب لم ينَم في داخلي بل مات. لم يتقبَل فكرة احتوائه في جسدٍ مهشّمٍ عديم القيمة. لم يرضَ بفكرة أن "يُحتوى".
مُذ حاولت أن أحب ولم أقدَر عرِفتُ أنّه قد تخلى عني، أنني فارغةٌ من الداخل ولا أملك شيئًا. يئستُ فجحدتُ بالحب.
أهو موجودٌ حقاً؟

تعليقات

المشاركات الشائعة