حبسة كتابية

إنّ الكتابة تستعصي ، تقفُ هُناك على حافة الموت تنتظرُني ، تَجبرني على اللحاق بها ، تسلبُ مني الراحة والسّعادة والإبتسامة ، تسلبُني إيّاها ؛ فأُترك هنا وحيداً في فيافي الدُنيا ، أتأوّه ألماً ، وأتلوى عطشاً.
ألحقها ، أُناديها نداء المُحتاج المُحتضر ، لا تُجيب ندائي..
أمشي..
على طريقها الشائك ، الوعِر.. أدهسُ على فتات الأوراق الجارحة. تنخُر أقلام الرصاص عظامي ، تشقّ جلدي وتُدميه ، تستنزفُني حِبراً. حتى أصل لها ، واهِناً ميّت.
*
إنني لا أستطيعُ أن أكتب ، لا أستطيع.
نفدَ حِبري ، بُلِيَت أوراقي. لا شُعور يجتاحني ، ولا إلهام يلفيني ، إنني أحتضرُ كِتابياً هُنا. ألهثُ وأبكي ، أرى الكِتابة تصعدُ إلى كبد السّماء تارِكةً لي ، أصر على ملاحقتها ، ألفظُ أنفاسي الأخيرة ، أتجرّدُ مني ، وأعرُج روحاً.
*
ألحقُها ، أُناديها..
: أيّتها الكتابة أغيثيني ، لا أدرِ ماذا دهاني ، نفدَ حسّي الكتابي ، أصبحتُ أشعرُ باللا إنسانية ، لا فائدة ليَ دونكِ ، لا إنسانية ، لا روح.
تجردتُ منّي ولحقتكِ ، مدّيني ببعضٍ منكِ لأستطيع إكمال حياتي حتى آخرها دونَ ضعفٍ وعجز ؛ فأنتِ سِلاحي ، وهوائي ، وغِذائي.
: عُد للأرض ، عملكَ لمّا ينتهي بعد ، أكمله ومن بعد اعرُج ، على أجنحة الملائكة والسّحاب.
لديكَ مايَكفي لتكتُب ولكنكَ لم تبحث في أعماقك ، الكتابةُ تُستخلص منك ، من أعمق عُمقٍ فيك ، ابحَث جيّداً. لديكَ من الكتابة ما يَكفي لِما هو بعدَ موتكَ وعُروجك.

تعليقات

المشاركات الشائعة