أم الأقمار.

كلّ ذا بدأ بحلمِ أباكِ..
يا ابنة الرجال والشجعان
اختاركِ الله لتأتين بالمؤيد
للوِتر الموتور
-
مُذ أن دخلتِ ذلك البيت تطايرت الكُنى..
أم البنين ، أم العبّاس
أم الأقمار ، ولكن ليس فاطمة..
لا..
-
أم الأقمار..
أقماركِ يا أمهم
قد خُسِفت
طُحنت تحت حوافر الخيل
كُسرت أضلعها بفعل الدّهم والشّقر
وأنتِ..
تسهرين بعيداً ، يعافُ الغمض جفناكِ
تجوبينَ الديار بحثاً عن شمسكِ
عن من فديتِه بالأقمار..
وهو هناك.. نازفةٌ أنواره
موتورٌ ضياؤه
وكما وِتر الليل كان وتراً في الفيافي..
وأنت بين العليلة وعلّة رحيلهم.. تبكين
-
شجرةٌ مثمرةٌ يا أيتها الدرّة .. العظيمة
ها أنتِ ذا ، أثمرتِ أنواراً بهيّةً تتجلى بهيبة الفداء
وأنواركِ.. في يوم الكرب قد سقطت من شجرة وفائك.
سقطت.. لترفع قدركِ في السماء..
وأما قمركِ.. فقد خُسف..
يا سماء الأنجم والأقمار ، ضياءُ الشمس قد شعّ فيكِ شكراً.
-
في لياليكِ الوحيدة ، ثلثٌ منها تصلين والثلثُ الآخر تبكين رحيلهم بالدعاء ، وأما الثلث الأخير فتقضينه تأملاً بالقمر ، تجلّين ابنكِ الأكبر فيه..
تُوصينه ، تعوذينه وتحرزينه ، وهو في تلك الأرض مودعٌ راحل ، يرتدي لباس الحرب
منفذاً لوصاياكِ.
-
ها هم يرحلون ، وأنتِ هُنا
تبقين ، باكيةً نادبة.
الأقمار والأنجم والشمس
كلّهم سقطوا ، وأنتِ من خلفهم تسقطين
تجرّين أذيال عباءتكِ لدار العزاء ، فأنتِ صاحبته.
تمشين نحو الهاشميّة المفجوعة..
كم سنةٍ وسنة قد شاخت..
إنها ليست كما كنت تعهدين
وها أنتِ أيضاً تشيخين فراقاً
-
رحلتِ ، رحيلاً أبدياً ، رحيلاً ثانياً -بعد رحيل روحكِ معهم- ، رحيلاً نحو الموت الكاذب أيتها الحيّة.. لتلقينهم
وها هيَ جنازتكِ تُشال وليست محمولةً على أكتاف من كنتِ تتمنين ، فالأكفّ التي أردتيها مقطوعةٌ قرب النهر ، والأخرياتُ مرمياتٌ على حرّ التراب..

تعليقات

المشاركات الشائعة