أنا الضالُ الذي هُديت بك..


في غيهبِ العالم ، رُميت أنا. العبد المِسكينُ المُستكين ، الضالُ المُضطر ، رُميتُ جاهلاً. لا أفقه العالم ، لا أفقهُ ظُلمه وحقارته وبُؤسه ، لم أكُن أدري ماذا سيُصيّرني العالم ، فانجريتُ في تيّاره..

حتى صرت بشراً دون أمل ، حتى صرتُ بائساً يائساً مُقراً باستمراريّة الظُلم والجور ، حتى صرتُ لا أؤمن بظهورك..

في الجُبّ رُميت ، جبّ الدنيا ، أخذتني ظُلمته حتى تلبست قلبي ، وحجبتني عن النّور ، أصبحتُ أحتوي ظلمة العالم ، حتى أضعتُ روحي فيها..

في الطُرق المُنشقة من العالم ، جهلتُ طريق الحقّ وانصعتُ لأفواجِ النّاس المُقبلة على طريق القنوط وعدم الأمل. جرّني العالم إلى حيثُ لا أريد ، إلى حيثُ لا تقبل به الروح المُؤمنة ، ولكنني أظن أنّ إيماني لم يكُن كافٍ فانصعت..

الجورُ قد أصبح كثيراً ، لم أعد أحتمله ، فظننتُ أنّ لا مُنقذ سيُنقذنا ، وأن لا مهديّ سيهدينا..

 وا أسفي على ظني ، وا خجلي من سوء ظُنوني.. نسيتُ قول الإله عندما قال "ونُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (٦)"-سورة القصص.

نسيتُ أنّك ستتمكن في الأرض وتُبيد الظلم والجور ، نسيت.. سامحني يامهديّ على نسياني ، على عصياني ، على قنوطي..


ولكنّ الله يحبني فهداني ، هُديتُ بكَ ، لك. هديت بك ، فأنتَ من اقتلعني من ظلمة الغيهب ، أنتَ من رفعني من الجبّ وأنتَ من مسكتني من يدي وارشدتني إلى طريق الحق..

هديتُ لك ، فصرت أؤمن بظهورك ، بشروق شمس العدل بعد غيابها لقرون ، صرتُ أدعو الله بتعجيل ظهورك..
هداني الله بك وإليك ، أنا الضالُ الذي هُديت بك يامهديّ..

وأنتَ المُنقذ الإلهي ، الذي اقتلعني من هذهِ الظُلمة ، صيّرتني مؤمناً مُنتظراً بعدما فقدتُ إيماني وأملي.
متى أراك..؟

تعليقات

المشاركات الشائعة