يا ابن الطفولة..


لأن العالم قذرٌ جداً ، لم يرضَ اللهُ أن تبقَ فيه ، روحكَ طاهرةٌ جداً والعالمُ لا يُناسبك..
 عِندما هربتَ من الموتِ إلى الحياة ، من بلدكَ إلى المنفى الذي اخترتهُ أنت ، من بلد الإسلام الخالية من الإسلام إلى بلد الكُفر المليئة به ، من دار العرب المُتخاذلين إلى ديار الأجانب الذين ينضحون بالعُروبة. بهُروبكَ هذا  أثبتّ أنّ العالم لا يُناسب الطُفولة..
لا يوجدُ أطفالٌ بعد اليوم ، الطفل كهلُ الرّوح ،طفوليّ الجسد. العالم مليئٌ بالحروب ، فكيف تبقى الطفولة؟ وأنتَ ؛ لم تستطِع أن تكبر ، احتوتكَ الطُفولة وتشبّثت بك ، فقررتَ الهرب إلى خارج حُدود الموت ، هربتَ من الموت لتُنقذ طُفولتكَ المسلوبة..
 في البِحار العميقة تمسّكت بالحياة ، حاولت جاهداً أن تصِل إلى الشاطئ ، ولكنّ تيّارات الحياة شدّتك إلى قُعر الموت ، لتُلاقي حتفك ، لتموتَ آخر ذرة طفولةٍ معك..
على الشّاطئ ، كُنت نائماً هُناك ، على شاطئ بلاد الغُرب ، نائماً والإبتسامة تُداعب شفتاك الذابِلات ؛ ترى الأملاك تُلاعبك.
قد هدأ البحرُ حِداداً عليك ، والأمواجُ رفعتكَ إلى الشاطئ لتُري العالم سوء فِعالهم ، لتُشعر العالم بالخزي والعار من نبذ الطُفولة.
نَم نوماً هنيئاً ياحبيب الطُفولة ، يا آخر طفلٍ عاشَ على وجه الأرض ، يامن أثبتّ للعالم جُبنه ، نم. عليكَ منّا السلام يارجُلاً تجلبب بجسد الطُفولة..
لأنّ لا مكان طاهرً بما يكفي ليحتويك ، لأن مكانكَ ليس هُنا ؛ عِندما حاولت اللجوء لأحدٍ آخر في الدُنيا لم يرضَ الله ، وأخذكَ إلى جواره ، لتلجأ إلى الله الرحيم بدلاً من اللجوء إلى الناس..

ثَكلتَ الطُفولة يا ابنها الوحيد المِتبقي..

تعليقات

المشاركات الشائعة