إلى تلك الأرواح..
إلى تلكَ الأرواح
المتعطّشة للابتسامة
الذّائبة مشاعرهُم
النائحات صدورهم
المتمرّغات بالوحل أجسادهم
إلى الأرواح المتصدّية للسواد
الغارسة أرجلها في الأرض
لتصل..
السّلام على طهارتكِ..
أما بعد:
شُكراً لأنّكم بشَر ، تمسّكتم بإنسانيّتكم التي تجرّد منها العديد -من أجل اللاشيء-. شُكراً لأنّكم الأرواح البيضاء ، التي حافظت على صُلح سريرتها ، المتّسخ ظاهرها -فقط- بوحل الدّنيا. شكراً لأنكم كنتم هُنا ولا زلتم تكافحون.
شكراً لأنّكم نفيتُم إصرار الأحياء بأن هذا العالم ميؤوسٌ منه من كلّ الزوايا ، وأنّ لا مجال للعيش فيه. شكراً لأنّكم أغرقتم أنفسكم لتثبتوا لنا أن العالم بُني على سلامٍ وطهارة ، وأنّ بؤسه هذا ليس سوى طبقة تُغلفه وعلينا نحن التخلّص منها.
شُكراً لأنّكُم أنهيتُم كلّ الجهات ، كلّ المجموعات ، كلّ الطوائف والأديان وصِرتم نحوَ اللا مذهبيّة واللا انتمائية واللا قبليّة ، صوب إنسانيّتكم فقط.
شكراً لأنكم أفنيتُم وقتكم وأعماركم لتبصيرِ من لا يعقلون ، لإرشادنا نحنُ نحو الصواب ، نحوَ تلكَ الأعيُن التي طالما أرتويتم منها وما ارعوَينا نحن ، مياهُ الحُب ، سلسلبيل الحياة ، وأنهار الإنسانية.
شُكراً لأنكم ما استحييتم من سجون النّبذ التي ألقيتم بها ، ومِن الانعزال الذي أُحطتم به. شُكراً لأنكم حاولتم وجاهدتم وبذلتم الأرواح في سبيل انقاذ إنسانيّتنا ، رُغم أنّكم كنتم -لا شيء- ، صلبناكم على صليب العدم وأنتُم تجاهدون الموتَ حتى خلدتم -بعد أن استفقنا من سباتنا-
شكراً لأنكم حاولتم اعادتنا للحياة بعد أن صِرنا إلى موتٍ لا مفرّ منه ، موت الإنسانيّة ، موت الحياة.
شُكراً لأنكم حافظتم على إنسانيتكم.
شُكراً
تتجلى بإنسانيّةٍ وبهاء لتصطفّ على ملامح الأوجه ، مُتوجّهةً لكم.
تعليقات
إرسال تعليق