مُنتظر

سأبقى مُنتظراً على حافةِ الدّنيا حتى أدنو منكَ وأبتعد عنّي. سأصاحب القليل من الحياة والبعض مني والكَثير من نُدبتك. سأسلو بِها ، وأُصبّر نفسي على ما جرى منّي عليَّ. جنيتُ على نَفسي بمَنعيَ مِن لُقياك. سأتلو فيكَ الحسرات واللوعات ، سأتلوكَ "أينَ الشّموس الطالعة" ؛ فليليَ قد طالَ "أليسَ الصُبح بقريب" أنتظرهُ منذ عقود ، ولكنه لمّا تبزغ أنواره بعد..
سأبكيكَ حتى تقذى عينِي ، حتّى تبيضَّ من البُكاء. سأُرسل العبرات مِدراراً على خدّي حتى يُحفر. سأُعينني على العويل والبُكاء ؛ بإحياء ذِكرى الانتظار ، كلّ ساعة ، كلّ دقّة قلب.
انظُر فِعلة الانتظار بي ، كهلت النّفس شوقاً فرُدّ لها شبابها برؤيتك. أموتُ يوميّاً وما أنتَ بحاضرٍ بعد ، أدعو الرّب "فأخرجني من قبري" إن حال بيني وبينَ لُقياك موتي ؛ ياوارِثَ عيسى أحيِني منه.
ألوذُ بنُدبتك ، فينبضُ القلب خارج صدري ، ينبضُ بك ، لكَ ، مِنك. تتدفّق الصرخاتُ من الفُؤاد جازِعةً ، نادِبةً ؛ أوَليس "فعلى الأطايب من أهل بيت مُحمّدٍ وعليٍّ فليبكِ الباكون ، وإياهم فليندب النّادبون ، ولمثلهم فلتذرف العيون وليصرخِ لصّارخون ويضجّ الضاجون ويعجّ العاجون". ها أنا ذا ، أُفتّتني ، وأهشّم روحي. ها أنا ذا أضجّ وأتصدّع ؛ فتتفجر فيَّ أعيُن الاشتياق.
-يا يُوسفي- الغائب عُد. أرسل ليَ قميصكَ على أجنحة الملائك ، ارمِه على عينيَ ، رُدّ ليَ بصري وبَصيرتي ، دَعني أرنو بالبَصيرة صوبَك ، أتأمّل يُوسفيّتك البهيّة. دَع نوركَ يتجذّر فيّ ، يتأصّل بسريرتي.
أهّبني ، جهّزني للُقياك ، بُثّ فيني ما أحتاجَ كي يُعرج بيَ إليك. اسقِني حبّك ، وولاءك والفداء. ربّني كما تُريد أنت. اختِم جُمعات الشّوق المُتتالية بجُمعة لِقاء. ليكُن اللقاء مليئاً بك. خُذني إليكَ في سَجدتي ، في جُمعتك. دَع رحيلي رحيلاً مُتمنًى من الجميع.
بينما أجثو للإله الواحد ، وأنا أذكركُم "اللهم صلّ على محمدٍ وآل محمد" يصرُخ ذاكَ "الله أكبر" جاهلاً بها ، ينشُر أشلاءهُ على الجدران ، يُقحم أجسادنا بالشظايا ، يُفجّر منّا الدماء ؛ فنرحَل.
اجعلني مُلائماً للقاءٍ كهذا ؛ لأُداوي علّة الشّوق.

تعليقات

المشاركات الشائعة