مُناجاة

آنا أعلم يارب..
أعلم أنني لستُ كما تريد
و أنني لا أعبدكَ حقّ العبادة..
على الرغم من أنكَ لا تحتاجُ لعبادتي..
ولكنني أحتاجُ إليك..
كي أستطيع النجاة من هول الحياة
دانياً منك.. آتياً إليك.
-
أتيتكَ يارب.. مُتخذاً طريقكَ إليك.. هذا الطريقُ المليئُ بالنور والسلام ، كيف سمحت لروحي المترعة بالخوف والظلام أن تسلكه..؟
أقِفُ أمام بابكَ مُرتّباً كلماتي.. مُحاولاً إيجاد عذرٍ لسوء فِعلتي ، ولكن..
من أين لي العذرُ يارب.. وأنتَ من لقّنتني فما ارعَوَيت.. وعاتبتني فما استحييت..
إنني خائفٌ من عذابك.. هاربٌ منكَ إليك.. إليكَ يا "لطيفاً لا يوصفُ بالخفاء".. آتيكَ بكامل بعثرتي واندثاري.. لأنني أعلمُ أنكَ "رحيمٌ لا يوصفُ بالرّقة".أدنو إليكَ وأنا مُتجلببٌ ثوبَ أهل المعاصي..
ولكن ؛ أتراكَ مُعذّبي بناركَ بعد توحيدكَ؟
مددتُ يدي لأطرُق بابكَ.. ولكنني مُنعت بسبب أغلال الذنوب التي تجرّني نحو الهاوية.. لن أسقط. أنتَ ستسمعُ طرقتي التي لم أطرقها.. ستستقبلني رغم سواد صحيفتي.. ستفعل.. أنا مؤمنٌ بذلك. مؤمنٌ برحمتك التي فاقت الرحمة ذاتها.
تراني.. ولا أراك ، بل أُدرككَ بعينِ قلبي ، أنثرُ مناجاتي وتوبتي أمامكَ مخضبةً بالدمع. يتحشرجُ الصوت فيّ راجياً.. "اللهم تب عليّ حتى لا أعصيك"
أرجوك.. فأنا ضائع.. أمواج الحياة تتلاطمُ في وجهي ، تُغرقني عصياناً وخطأً ، تَجرّني لطريقٍ لستُ أسلكه. ترميني في جبِّ الضياع فأهوي.. وأهوي.. ولا سيّارة يمرّون بي فينقذوني..
لا مُنقذ لي سواك..
إنني يارب.. كلما قلتُ قد صلحت سريرتي وقربَ من مجالس التوّابين مجلسي ، عرضت لي بليةٌ أزالت قدمي ، وحالت بيني وبينَ خِدمتك.
لمَ البقاء على طريق النجاة صعبٌ لهذا الحد؟ لمَ كلّما ظننتُ أني ثابتُ القدم  زلّت قدمي فأخذتني لطريقٍ يستقبلني فيه الشيطان.. مسلكٌ فقيرٌ إلى نورك.
نوّر روحي يارب فأنا أخافُ الظُلمة.
لِم كلّ ذا.. وأنا الصغير الذي ربّيته؟
لعلّك رأيتني مستخفاً بحقّك فأقصيتني..؟
التقفني من المنفى.. ردّني لديارك.. إنني أستاحش البعد عنك..
سأتجردُ مني.. سأكون كما تريد
ردّني إلي ، صيّرني صالحاً مؤمناً كما يجب.
الضياع مؤلم والبعد عنك يرعبني..
يا نور المستوحشين في الظُلم
دلّني إليّ في ظُلمة روحي.. ودلّني إليك..
أو لعلك بجرمي وجريمتي كافيتني؟
فألهمتني الضياع.. الخوف.. والبعد..
أعترف بالذنب.. أعترف أنني لست كما تريد..
ولكن. صيّرني كذلك.. أرجوك ، افعل بي ما أنتَ أهله ، ولا تفعل بي ما أنا أهله.

تعليقات

المشاركات الشائعة