ياراهب الكتابة

ياراهب الكِتابة ، أنتَ يا بائع الدُنيا برُخصٍ مقابل الكلم ، أنت. اعتنَقت ديانة الكتابة بالبداية ، كُنت جاهلاً لا تعرفُ ما الكتابة ، لا تعرفُ ما المأزق الذي قد رميتَ نفسك به ، لا تعرف ، حقاً أنتَ لا تعرف.

أنتَ حينَ تعتنقُ دين الكتابة تُسمى كاتباً ، كما يسمى معتنق الإسلام مُسلماً وكما يُسمى المسيحيُّ مسيحياً. هو مسلم ، ذاك مسيحي ، وأنتَ كاتب.

الصلاةُ أساس الدّين ، وصلاتكَ أنت كِتابة. تفرشُ أوراقكَ كما يفرشُ المسلم سجّادته ، تنصبُ قلمكَ مُستعداً للصلاة ، وتصلّي كتابةً. في أول الأيام كُنت بسيط العلم في الدّين ، ولكن ثمّ اختلفت.

أصبحت أكثر خُشوعاً في صلاتك ، أكثر تركيزاً ، أكثر إبداعاً. زادت عزلتك مع مرور الأيام ، سمّاك البعض متديناً ولكنكَ أصرّيت على العكس ، لم ترَ في نفسكَ علامات التديّن ، أقرّيت بأنك كاتبٌ معتدل ، تحب دينك. وبعد زمن ، لم تجِد في نفسكَ أيّة مشاعرٍ تجاه العالم ، كُنت بليداً تماماً.

أصبحتَ تُكرّس حياتكَ كلّها للكتابة والصلاة والتفكير والتأمل ، حتى قررت أن تُصيّر نفسكَ راهباً ، راهباً في دين الكتابة.

قررت الترهُب ، أن تُولي وجهكَ للدُّنيا ، تأكدتَ من أنّ قلبكَ يخلو من حبّ العالم ولم يحبّ سوى الكتابة. الترهبُ إختيارٌ سليم ، ولكنه صعب.

 صُرت راهباً ، هنيئاً..

تركتَ الحياة ، والمتعة ، والرفاهية والجاه لتكتبَ فقط. العالمُ الواسع هذا قد ضاق بك ، وقد أوصَدت الأبواب في وجهك ، وكادت الجُدران أن تضيّق عليكَ المكان حتى تخنقك ، ضاق بكَ العالم فرَحبت بكَ الكتابة.

عالمُ الكتابة الواسع استضافك ، وجعلكَ راهباً ولكنه قد طلبَ منكَ التخلي عن بعض الأمور..
-اخلع عائلتَك والأصدقاء والأحباء ، فهم منبع عطفٍ وشوق سيُبعدونك عن الترهّب
-دع السعادة جانباً وامضِ داخلاً إلى عالم الكتابة لتتجلببَ الحُزن والترَح. -انزَع نفسك وتعال إلى عالم الكتابة شفافاً ، نقيّاً لتكتسب روحاً جديدة ، روحاً كاتبةً بصفاء. اترك العالم واكتفِ بالكتابة لتُصبح راهباً..
انزع العالم ، وارتد الكِتابة ياراهب.

تعليقات

المشاركات الشائعة