رجاء: لا ترحل

صوتُ خطواتٍ تقترب..
رائحةُ فاجعةٍ توشك على النضج
طرقاتُ يدٍ يقطر منها اليُتم تترددُ على بابنا..
يهتزُّ من قوة تلكَ الضربات..
نهرب.. إليك، إليك وحدك
تتداعى على رؤوسنا قِباب الحياة
يتناثرُ علينا رماد اليُتم ليُلطخ أرواحنا ببُكائيات فقدٍ
من جديد.
نركض على شظايا الخوف وفُتات الألم
نُناديكَ
أبة.. أبة ياعلي..
فيأتينا منكَ الجواب "إليّ إليّ"..
نأتيك ونحن مغمورون بالفزع
نختبئ تحت ردائك، نبكي جِراحنا إليك
نُريك نُدوبنا التي شوّهت أجسادنا الهشّة
أبتاه.. نحن مُلاحقون، مطلوبون من قِبل الألم
فتبثّ فينا السكينة والأمان، وتلثمُ جراحنا.
لا تزال. لا تزال رائحة الفاجعة موجودة، إنها تزداد، تدنو منّا
إننا خائفون يا أبة.
وعلى غير عادتك، لا تُجاوب
تقوم وترحل.. بعيدًا إلى هناك
رائحة الآلام تزداد.. تخنقنا
وأنت.. تبتعد.
لم تعُد المصائب في وُكُناتها
إنها تأتي.. تقترب.. ترمي علينا النوائب العِظام
ومن ثمّ ترحل.. تاركةً أرواحنا بين تألمٍ وحيرة.
أين أنت.. أنّى تذهب؟ بقينا وحدنا، الظلام كاد أن يلتهمنا.. عُد.
-
تجرّ على إثركَ قلوب يتامى مكلومة.. وأنت تدنو من العُروج
تقترب
"اللهم بارك لنا في الموت"
لِم يا أبة.. أتنوي الرحيل حقًا؟ أشددت الرّحال لإبراء الشّوق الذي لازمَك؟
وماذا عن الفقد الذي سيصفعُ وجوهنا؟ خدّ الطفولة أسيلٌ ياوالدي.. ورُغم هذا قد امتلأ بالجِراحات، لا مكان فيه لجرحٍ آخر عميق..
لا سيّما ندبُ رحيلك..
لا تُلقِنا في غياهب الجبّ يا عليّ.. لا ترحل.
-
كنا نيام.. نتوسّد حلم "أبي وأنا" ذلك الحلم البعيد المَنال.. فأفقنا على جواب..
لا أب.. ولا علي أيضًا..
صوت أبواب الجوامع تصطفق، هبّت ريحٌ سوداء مرعبة.. نسمع صوت بكاءٍ ونداء من السّماء..
"تهدّمت والله أركانُ الهدى"
انتهت الحكاية..
حيّ على اليُتم المُؤبّد..

تعليقات

المشاركات الشائعة