سلوني


قُلتَ "سلوني."وها أنا ذا آتيكَ محمّلاً بالأسئلة ، بأسئلتي التي تهربُ مني ؛ لأنني لم أُشبعها
وبقَت في حضرتي جائعة..متعطّشة للإجابات التي أنا فقيرٌ إليها
ها هيَ تتسللُ من بينِ رُقع ثوبي ، وترنو إليك.. حتى في هربها ، تُشير إليّ بضعفي..
فلولا بليّ الثوب ما كانت لتهرب.. لما رحتُ ألحقها..
إنني آتيكٍ والقلبُ قد أضناهُ التعب ، والجسدُ قد هلكَ لحاقاً بالتساؤلات..
وإنني وأسئلتي في حضرتِكَ الآن.. فهِبنا الأجوبة ، وامحُ خوف التساؤلات الفارغة ؛ بملئك إياها ردوداً سماوية..
من أينَ أبدأ؟ وفي حضورَك يخشع السؤال ، يتجردُ من استفهاميّته ويصير أمراً جليّاً ،واضحاً
في حضرتك.. تُمنع الأسئلة من مُسماها؛ فأنتَ مستودع الإجابات..
تقبّل جهلي وآتِني جواباً يُرضي حاجاتي..
مسائلي كثيرة.. تتفجرُ الاستفهاماتُ من بينِ عينيّ ومن فمي ومن أُذنيَّ..
أنا مليئٌ بالأسئلة ، وهي كإياي -يتيمة- فتلوذُ بك..
دع كل الأسئلة جانباً.. وأجب عن ذا السؤال..
"أتترُكنا يوماً؟"
-
تلكَ الأسئلة التي تُسأل ، وهي مليئةٌ بالنداءات ، تغرقُ في جهلها.. تصرُخ فراغها/يتمها :
"ياعليّ..
قلت سلوني..
وها أنا ذا آزحفُ نحوك
متعفراً بجهالتي..
وقلة عِلمي..
أستَنبِؤكَ
أيها النبأ العظيم..
فأجِبني
أترى ، هذه الاستفهامات المصفوفة أمامك
أتستدركُ اليُتم والجرح العميق الذي صار بهِم؟
أترى أنهُم يرونكَ -ملاذاً- وأباً ، وأكثر!
أترى الأمان في أعيُنِهم ، متجسّداً بك؟
ألا ترى سُيوف الدهر في غُمدها
تنتظرُ رحيلكَ كي تُسلّ في وجوههم
متعطشةً لدمائهم
هذه الدماء اللذيذة.. المليئة بالطهارة!
ألا ترى؟ إن الزمن لن يجرؤ ما دُمت هنا..
فتخيّل الثأر وأنت عند العليّ ياعلي.
إنني أُحاكيكَ.. نيابةً عن كل تلك الأسئلة العطشى.
عن كلّ الحيارى اللائذين بأمنِك..
هوّن روعهُم واوعِدهم بالبقاء"
-سؤالٌ أهلكهُ الخوف.
-
إنني لستُ فقط من يخشى رحيلك يا أبتي.. ولا اليتامى..
حتى الأسئلة الفارغة تخافُ من رحيلك.. تخافُ أن تبقى هكذا
متصحّرة.. فقيرةً للأجوبة.. وأن تختفِ يا غيمة العِلم.. قبل أن تَرويها.
---
يا أيها العليم بطرق السماوات..لقّنا
علّمنا كيف نجوب طرق الحياة وسراجُك مطفأ
وكيف ننعم بلذّة العيش وما من "عليٍ" هُنا؟
لا ترحل ياوالدي.. أرجوك.
-
وبقيتُ.. وبقينا.. نخافُ رحيلك..
نسألك.. أسترحل؟ فتردّ أسئلتنا فارغة.. على غير عادة الأسئلة الراحلة إليك..
ومن ثمّ عرفنا أنك كنت تؤجل الإجابة. أنّك كنت -بكامل حنانك- تحمينا من توسّع الصدع ، من انشقاق الروح باليُتم.. للمرة الثانية.
-
وآتى..
ذلكَ الفجرُ الذي خُلق من أضلع الأحزان. اقترب منّا وهو يمدّ كفّه إلينا
يمدّها لنا وهي كريمةٌ بالبكائيات.. يجودُ علينا باليُتم..بالضياع. أتانا وهو يحمل الإجابات بين طيّاته.. يوسّدها ها هناك.. بجانب من نام في المسجد.. والسيفُ تحت ردائه.. كي يصدح الأذان.. معلنًا وقت كشف الإجابات.
تصلّي أنتَ -وداعًا- في المسلمين.. تسجُد..
"اللهُ أكبر"..
يُسلّ السيف على رأسك.. تنشطرُ هامكَ..
ها هي الإجابة
"طبرةٌ" فقط..
وانشقّ القمر..
ها هي الإجاباتُ تسيلُ على مصلّاك سيل الدِماء..
ها هي الأيتامُ تخضّب بفراقك..
حان وقت الجواب.. والوداع.
وداعًا..

تعليقات

المشاركات الشائعة