إلى رَوحٍ وريحان..

يا أوّلنا..
تقدَّم.. فالملائكُ في صفوفكَ مُقاتلة
يا عازِماً على النّزول والنّزوح عن دار الدّنيا،
يا تارِكاً خلفكَ الأب والأم والأهل،
تمهّل.. خلفُك "ليلى" تجرّ أذيال عباءتها،
تخلقُ الدمعِ من عيونٍ جافة، تقهرهُ من خلف جفونها،
اصبُر، وابقَ معها.
-
أمُصرٌّ أنتَ على الرَّحيل؟
وليلى؟ والحُسين؟
ما حالهُما؟،
كم مؤلمةٌ نصرة أبيك أيّها الشّجاع،
ولكن.. المرّ يهونُ بجانب أريِ الشّهادة..
وداعاً.
-
عطشانٌ أنت؟ بنفسي يا شبيه الرّسول
لا بأس.. تريَّث قليلاً، وسيسقيك المُصطفى بكأسه الأوفى
شربةً لن تظمأ بعدها أبدًا..
دع قلبكَ يرتوي بنصرِك العظيم ذا.. بجثث الأباليس التي أخذتَ تُرديها على الأرض واحدًا تلوَ الآخر، تهدمُ فوقهم آخرتهم، وتزلزل تحت أقدامهم دنياهم،
عليًّ.. كعليٍّ.
-
الله يا سيفكَ المشهور،
تلكَ المقتلةُ العظيمة التي كسَت الأرض كالرّمال.. ذاك الشرّ الذي قُتِل وانفنى.. بيُمناك يا ابن الحسين..
-
"عليّ آثام العرب إن لم أثكل به أباه"..
اخترق السيفُ الظّهر الذي حُمل عليه العلمُ والخُلق، ظهرُ من هو أشبه الناس بالنبيّ. ظهرُ محمد..!
أخذت تنزفُ منه الدماء.. وتنزفُ مع كلّ قطرةِ دمٍ دمعةٌ بالخيام.
طبرةٌ، لا بل طبراتٌ وطعناتٌ وضربات..
عناقٌ للفرس.. أي خُذني لأبي..
ولكن، أخطأ الوِجهة..
-
"عليكَ منّي السلامُ يا أبي"
أتاك.. أتاكَ وهو يشقّ العِدا بسيفِه، وفؤاده يلتهب بنيران فُقدانك يا أكبر عياله.
يراك.. والدمُ قد كساكَ بأكملك، وجهكَ يحملُ ملامح المودّع، وجسدُك جسدُ من هو متأهّبٌ للرحيل.
"وقد صرت إلى روحٍ وريحان.."
وأما أباك فقد صار إلى فقدٍ ووجع..
وأمك.. تلكَ المثكولة قد صارت إلى موتٍ أزليٍّ يكثرُ فيه طيفك..

تعليقات

المشاركات الشائعة