أم طفولتي..

الكتابة احتوتني ، احتوت طُفولتي المُشرّدة ، وأعطتني كلّ الأمان كي أعانقها أنّى أشاء دون أن أخاف اعتقالاً أو اعدام. إنها تهِبُني الحريّة كي أعيش طفلةً بسلام. في الكتابة استحضرتُني في طفولتي, أتيتُ بتلك الطفلة من ذلك الزمن البعيد.وسدتُها بين الأسطُر لتنام. دثّرتُها بالورقة ووسدتُ رأسها على وسادةٍ من أحرف. وسادةٌ تبثّ الحنان والأمان.

الكتابةُ مرحبةٌ بطفولتي التي منعني منها العُمر ، العمر الذي جعلني أُشرّدها وأُلقيها خارجي ، الذي حدّني على نكران الطفولة وقَليِها بعيداً عني. كي أظلّ عطشى للبراءة. وهذا ما يرنو إليه العالم. تجريدنا من براءتنا, وتصييرنا لآلاتٍ لا تعترف بالمشاعر. ولكن لا بأس. إن الكتابة تفردُ ذراعي الحب والاحتواء. تستقبلُنا وتأوينا. إنها تعيش بالطفولة والطفولة تعيش بها. وأنا.. أعيشُ بكليهما.

الكتابة أصبحت أماً لطفولتي ، أُماً تُراقب طفلتها. تُلملم شتاتها, تحميها, تمسحُ دمعها إن بكت, وتسقي ضحكاتها إن ابتسمت. عندما رأيتُ الكتابة تهتمُ بطفولتي, أودعتُها إليها. أمّنتُها على هذا الجزء الذي لا يتجزأ مني. هذا الجزء الذي لولاه لما أدري من أكون. وكّلت الكتابة بأمر طفولتي, وأكملتُ السير في درب الحياة. أبتعدُ عن الطفولة أكثر كي أهوي في غيهب الكِبر.. حتى أشيبَ. حتى يُغطي شيبيَ التُراب. وتظلّ طفولتي مليئةً بالطفولة, في أحضان الكتابة. 
أيتها الكتابة؟ خبّئيني طفلةً في كنفكِ عن العالم ، لا أُريد أن أخسرَ براءتي..

تعليقات

المشاركات الشائعة