أُمي؟عودي..

تستيقظُ صباحاً ، تُقبّل وجنتَي أمّها
-صباحُ الخيرِ جنّتي
-صباحيَ أنتِ يا أُمنيتي.
تستعدُ للذهاب إلى المدرسة ، تجلسُ في أحضان أمّها. تقتربُ من صدرِها ، تضعُ رأسها ، تُغمض عينيها
-ألا أستطيعُ البقاء معكِ اليوم؟ ألا تستطيعين أن تأتِ معي؟
-لا يا جميلتي ، عليكِ الذهاب.
تمررُ أصابعها في شعرِ ابنتها الحريري. أخذت تضفّرُه. ثُم قبلتها قبلة الوداع لتذهب.
"سأكونُ في غرفةِ أخيكِ"

تعودُ راكضةً إلى غرفة أخيها الصغير ، تضمّها وتجالسها من جديد ، تحكي إليها ما حدث معها طوال يومها هذا. يمرّ اليوم ، وتغفو الطفلة على كتفِ أمها. إنها ملازمةٌ لها دائماً ، مُنذ أن ولدت ، إنها تستوحش المكان خارج أحشائها ، بعيداً عنها.
-
في اليومِ التالي ، حدث الأمر ذاته.
"سأكون في غرفةِ أخيك".
عادت الطفلةُ وهي باكيةٌ ووجنتُها تنزف فقد سقطت اليوم أثناء اللعب. راحت تركضُ لغرفة أخيها ، تبحثُ عن أمها. لم تجدها ، زاد البُكاء. أخذت تركضُ في أرجاء المنزل "ماما ، ماما؟" وهي تبكي تارةً وتصرخ تُناديها تارةً أخرى. حتى أتاها والدها ، ضمّها إلى صدره وأكملا البكاء معاً.
-
تجلس في غرفة أخيها ، تضمّ نفسها لصدرها ، تدفنُ رأسها في حضنها ، تبحثُ عن نهر الحنوّ المُتدفق فلا تجِده. إنّها جافةٌ عصيَّة. تبحثُ عن الأمّ الحنونة ، الملاك المنزل من السماء ، فتجد فقداً لا هيَ.

-
ولا زالت هذه الطفلة تترددُ على غرفةِ أخيها ، حتى صارت صبيّةً.. حتى صارت شابةً..ناضجةً..أماً!
-
تكبرُ الطفلة وهيَ لا تزال تسأل..
أين أمي؟
في كلّ ليلةٍ تفزّ من نومها مرعوبةً تصرخ "ماما!" تركُض لغرفة أخيها ، آخر مكانٍ قالت لها أنها ستجدها فيه. لا تجدها. تبكي ، تُنادي..
"أمي..
كيف حالكِ؟أبي يقول أنكِ بخيرٍ ونعيم..
أُمي..
إن كُنتِ بخيرٍ فخذيني إليكِ لأصير بخير
إنني في أسوء حالٍ منذ أن رحلتِ
أنا أحتاجكِ.
أُمي..
أنتِ تعرفينني ، تعلمين أنني أرهبُ مواجهة العالم وحدي
لِمَ تركتِني؟
رُدّيني إليكِ ، في أحشائكِ ، بين أضلعكِ ردّيني
كي لا أستوحش الدُنيا
ردّيني إليكِ ثمّ ارحلي
لأرحل معكِ.."
تتلوى بكاءً ، تتفطّر السماوات من صوتِ أنينها

"ماما..
لا زلتُ أناديكِ ماما
لا زلتُ أقول بأنها ستعود. بأنكِ ستعودين
بأنني سأبكي في أحضانك.
من المُفترض أنني كبرت ونضجت
ولكنني يا أمي لا زلتُ تلكَ الطفلة
التي تركتيها ورحلتِ ، لا زلتُ كما كنت في آخر لقاءٍ لنا
أنا تلكَ الصبيّةُ يا أمي..
التي لقّنتيها كلّ شيءٍ
سوى أن تعيشَ دونكِ
ورحلتِ ، وبقت هي جاهلةً كيف تعيش.."
أخذت نفساً عميقاً ، شهقت..

"لا زال أخي يُنادي ماما
وتتقطع نياطُ قلبي أنا..
فأكذب عليه بمثل تلكَ الكذبة
*إنها ستعود*
ما ذنبُنا يا أمي كي نُفارقكِ..
حسبي بكِ جنةً تحتَ قدميكِ..
أحبكِ.
عودي من أجلي.. من أجل أخي
أو اطلبي الله آن نأتي إليكِ
يا حيّةً في السماء.."

تعليقات

المشاركات الشائعة