بطريقةٍ ربيعيّة.

إنني..
لستُ سوى جسدٍ ضائعٍ في غياهب الدهر. أبحثُ عنّي -عن روحي- فلا أجدُني ، أنا ضائعةٌ مني في وسط الظلام هذا وصروف الزمان. عليّ إيجادي ، وردّي إليّ.
إنني لا أذكر أياً مما حدث ، ما أذكرهُ هو فقط أنني كُنت مرميّةً وسط الـ.. لا أدري! كان المكانُ مُظلماً ، بارِداً ، مُخيفاً. ولكنني كُنت أرى النّاس تفرحُ وتحيا من حولي وهيَ ضاحكةٌ مُستبشرة ، النورُ ينبعثُ منها ، إلا أنا. كُنت مُظلمةً منطفئة ، لا تشعُّ منّي سوى حُمرة الدماء والجروح التي غرقَ بها جسدي. أخذتُ أُنادي ، أستنجد ، أُريد العون منهُم. لا أحد يرُد ، إنني -على ما أظن- مخفيّة!
جرّيتُ جسدي المرميَ ، المنسي ، وشرعتُ بالبحثِ عنّي. إن جراحيَ تتفاقمُ والدماء أخذت تنفُد وأنا لا أزيد إلا موتاً واكتِآباً. أسرعتُ بالبحثِ لأتدارك إيجاديَ قبل رحيلي. كانت لحظاتي الأخيرة تُقضى بالبحث حتى وجدتني. إنني هُناك ، أشعُّ سواداً في الظُلمات. سقطتُ على الأرضِ ، حبوتُ باتجاهي ، أُناديني "أنقذيني يا أنا ، ردّي إليَّ".
أصلُ لها ، تضمّني إليها وأضمّها إلي ، أستفرغُ ما تبقى من طاقتي بالبُكاء "لِم أنا -أنت- لا نشعّ كباقي البشر؟ لم نحنُ فقط لا نشعرُ بالحياة؟ لماذا أنا وأنتِ افترقنا وصرنا جسداً وروح ، والبقيّةُ جسدٌ وروحٌ معاً!"
"إننا لم نرَ الدنيا كما يجبُ أن نراها.  ولّينا رؤوسنا نحوَ الجانب المظلم من بني الإنسان ولم نفتح أعيُننا على الجانب المشرقِ الممتلئ بالحياة. إننا أمتنا أنفسنا رغم عيشِها وصيّرناها على قيد الظلام والحُزن. لم نأبه بالجانب الآخر ، ابتعدت عنّا السعادة ، صِرنا هكذا."
أخذت روحي تضمّ جسدي ، تملؤه هدوءاً وسكينةً لتُسكن عجاج التفكير
وأمواج الإضطراب
"انظُر يا جسد ماذا حلّ بك ، إنّك لست سوى جلدٍ محمّلٍ بالجروح والكدمات والعظام المكسورة. لستَ سوى وجهٍ تعلّته ملامح البؤس والحزن ، وعيناً تبكي بكاء يعقوب. انظُر ماذا فعلنا بنا برؤية الجانب المظلم ، إنه لم يورِثنا سوى آلامٍ وجروحٍ واستنزافٍ للروح.
إن أولئك الناس الذي رأيتهم فعلوا عكس ما فعلنا ، ولّوا رؤوسهم نحو الجانب المشرق وتجاهلوا المظلم الموحش"
اجتمعنا ، الروحُ والجسدُ معاً ، وصِرنا نحوَ الجانب النيّر من هذه الدنيا. اقتطفتُ وردةً ووضعتُها على جروحيَ لتشفى ، سأولد وأعودُ بعد موتي بطريقةٍ ربيعيّةَ..

تعليقات

المشاركات الشائعة