أراك حلماً..

أراكَ ، آتياً من خلفِ الغمام ، يدُكَ ممدودةٌ نحوي ، تشبكُ أصابعكَ بأصابعي ، تُعيد ربط حلقة الحبّ المُنقطعة ، وتُنير من حولي هالة الحياة. تجعلُ النور ينبعثُ من بينِ أصابعنا ، ترفعُ رأسكَ ، وتَسمح لأعيُننا بالحديث بعدَ طول صمتٍ وسكوت. أبتسمُ لكَ ، تبتسمُ لي ، تتفجّرُ فيّ أعيُن اللا تصديق.
إذا..
أنتَ حقاً أمامي...؟
أفكُّ تشابكَ الأصابع ، أرفعُ يديَ إلى وجهكَ النيّر. أتحسسُه ، أُمررُ يدي على تلكَ التجاعيدِ الملتوية ، التي خلقَت لدولتكَ تضاريساً جديدةً ولكنها.. لا زالت جميلة! أشعُر بالماضي منطويّاً بين ملامحِك ، أشعرُ بهِ يتدفّقُ كالسّيل على الخطوطِ المرسومة على جبهتك. أُمرّرُ يديَ على شعرك ببُطئٍ شديد.
ياه..كم اشتقت!
أُمرر يديِ في رأسكَ فأرى غُبار الذِكرى يتطاير منهُ ، يُلطّخ يدي. أرى شيبكَ الأبيض ، أتأمل هيبتكَ .. والوِقار الذي زادكَ إياه الشيب.
أبتسم.. أنتَ حقيقي ، عُدت من جديدٍ إلي..
مجدداً.. أشبكُ يدي بيدك ، أُعيد هالة الحياة إليّ ، وأستمدُ منكَ حبي لك. أشعرُ بكلّ تلكَ التجاعيد المُصيّرة على جلدكَ بسبب الزمن..
أُقبل يدكَ ، لتحفظ تلكَ القبلة بين طيّاتِه.
أضمّكَ بشدّة. أستفرغُ كامل طاقتي في تلكَ الضمّة الواحدة. إنكَ لا تعلمُ ماذا فعل بيَ الشوق ، تعالَ لترى.
وفجأةً.. وأنا آخذُك إلى حيثُ ستبقى -معي- ، تُديرُ وجهك ، تصيحُ "الوداع" وترحل..
لماذا..من جديدٍ..رحلت؟
إلى لقاءٍ قريب.
-
ها أنذا أستيقظُ في منتصف الليلِ أصرخُ باسمه -كعادتي- ، أبكي فراقاً. أشعُر بقلبي يتقطع شوقاً واحتياجاً ، إنني لم أزِد -مُنذ رحيله- إلّا دنوّا واقتراباً من الموت الحي.
مُنذ أن رحلَ وأنا أعيشُ في تلكَ الأحلام ، إنها وسيلتي الوحيدة لإكمال العيش دون ضرر ، دون أن يهيمن الفقد عليَّ فيُبيدني. إنني أحاكيه فيها ، أبكي كما أشاء. أتزوّد بالكثير منه ، ثمّ يرحل من جديدٍ تاركاً إياي وحدي.
إن واقعيَ الفارغ منه كابوسٌ مرعبٌ أنتظر الإستيقاظ منه. وحلمُ وجوده حياةٌ مُتمناةٌ أتمنى العيشَ فيها عيشاً أزليّاً.. معه.

تعليقات

المشاركات الشائعة