في الحُلم..

قُبيل النّوم ، أخذتُ ذلك الكِتاب ، جلست أتأمل مافيه ، أُقلّب الصفحات ، وإذا بصوركَ وذكرياتك ملصوقةٌ في كل شبرٍ من الكتاب ، بدأتُ بالدّخول في دوامة الذّكريات ، وبدأت تنتابُني نوبات البكاء ، والاشتياق ، والنّدم على كُلّ كلمةٍ ابقيتُها في قلبي ولم أبثّها لك ، هذه أنا في الليل ، أبكي حسرةً بعد فراقك..

أبكي حتى أتعب ، حتى تجفّ عيناي من الدّموع ، حتى يلهثَ قلبي من شدّة الألم ، وحتى تجحظ عيناي من ذرف الدّموع ، أبكي حتى أصل لأقصى مراحل تحمّلي لعبء البُكاء الثقيل ، الذي يثقل أكثر كُلما أتذكرك.. بعد رحلة البُكاء هذه ، أغطُ في نومٍ عميق ، أنامُ فتأتيني أنت ، تُحادثني ، تسألني عن نفسي ، فأشكي لك ، وأبوح بكل مافيّ من ألمٍ وحُزن ، أُخبرك بكل ماحلّ بي من بعد ظعنك ، بكلِ صفعةٍ وجرحٍ من الحياة ، وفي النّهاية ، بدأتُ بإخبارك بكُل الميتات التي مُتّها بعد موتِك..

بكيتُ ، حتى وآنا في رحلة الموت الأصغر أبكي ، البكاء يلازمني دوماً كالظلّ ، بكيتُ بكاءً شديداً ، نُحت حتى شعرتُ بأنني أُنازع الموت ، وكأن روحي تُنزع مني ، سقطتُ ضعفاً وألماً ، فإذا بكَ تمُدّ يدك لتَرفعني من على الثرى ، ضممتني إلى صدرك وهمست لي : "ضعي الخوف والألم في قائمة النّسيان ياصغيرتي ، أنا هُنا الآن ، لا خوف عليكِ"..

أُلقيت في حُضنه فنسيتُ ما الخوف والألم ، نسيتُ البُكاء ولم أعرف سوى الأبتسام ، اختفت آلامي حينَ سمعتُ دقّات قلبه ، فغطيتُ في نومٍ هانئ ، نومٍ جميلٌ جداً ، على صدرِه..

استيقظت ، وإذا بوسادتي مُبللة ، وعُيوني وكأنها كُتلة دماء من شدّة احمرارها ، أدركتُ بأنني كُنت في كابوسٍ جميل أشبه بالحلم ، واستيقظت على كابوسٍ مُفزع حقيقي ، الحياة..

في المقبرة ، قُرب قبرك ، جلستُ بجانبه أهمسُ لك ، وأنا مُوقنةٌ بأنّك تسمعني ، بدأتُ بالبُكاء والنحيب كبُكائي بالحلم ، ولكن المُختلف هُنا أنّه لا يوجدُ "أنت" ، ينامُ على صدركَ الترّاب لا أنا ، حضنكَ ليس موجوداً كالحلم ، لم تضمّني ، الفرق هو أنّك كنت في الحلم حيّاً ، وفي الكابوس أنت ميّت..
لا تترُكني ، أرجوك..

تعليقات

المشاركات الشائعة