ثورةٌ مسالمة.

أكرَهُ عالمكُم هذا ، المُشبّع بالظُلم والكراهية ، العالمُ الذي لا يتركُ نفساً إلا لوّثها ، وما جعلَ روحاً ترقدُ بِسلام.
 عجباً كيفَ تقبلون بعالمٍ ينامُ على جريمةٍ ويُصبح على جريمة ، والقتلُ أصبح عادةً فيه ، عادةً حميدةً ، تستهدفُ أولئك المُستضعفين الغافلين ، الذين يظِنّون بأن العالم بخير فيَرقُدون بأمانٍ سالمين ، ويَهبون حياتهُم لضُعفاء النّفوس كي يتلاعبوا بِها ، عجباً!

أيا بشر .. أوترضون بالنّظام هذا؟ نظام حُكم القويّ على الضّعيف؟ أتقبلون بأن تُفجّر الدّماء البريئةُ بدافِع التمتُع؟ وتُشرّد العِيال لأنّ البعض اشتاق لرميّ قذيفةٍ على بضع منازل؟ هل تستطيعون أن تُغمضوا أعيُنكم ، وهُناك في الخارج آلافُ العوائل المُشرّدة ، عجباً كيف تهنؤون بالراحة؟!

 أتقدرون أن تتخطوا صعاب هذا العالم بمُجرد التّجاهل؟ عجباً هل ابتلعت بشاعةُ هذا العالم إنسانيّتكُم؟

وإن كُنتُم ترضون ، فإنسانيّتي تمنعُني من ذلك ، عُذراً ، سأقفُ في وجه العالم ، وأُواجهه ، سأرفـض كُل شيءٍ يُخالف الإنسانيّة الطاهرة.

سأتحررُ من القُيود التي قيّدونا بها ، بتلكَ السلاسل الثّقيلة ، سأُناضل حتى أتحرر منها ، عكس الأغلبيّة ، التي خضعت ورضت بذلّ القُيود رُغم حقّها بالحُريّة. ‏

إنّني ثائرة ، وأُنظّم ثورةً كاملةً لوحدي ، ثورتي ليست ضدّ نظام أو حُكم أو سياسة ، ثورتي ضدّ هذا العالم أجمع ، سأُحارب كل مُلوّث لهذا العالم ، وإن كُنت ضعيفةً ووحيدةً ودون دعم وظهرٍ يُساندني ، سأُحارب هذا الغزو الغاشم على عالمِنا ، غزو الظُلم والتّفرقة والحقد والقتل ، وسأُحاربهم بكُل ما ملكتُ من قوّة ، سأُدافع عن العالم بمثل الوسائل التي احتلّوا عليه فيها ، بالقنابل والمُعدّات العسكريّة والجُيوش ، سأُجهز القنابل والقذائف والأسلحة ، سأُعدّ جيوش الرّحمة لتغزوهُم ، قنابل الرّحمة ، وقذائف الإنسانيّة "سأُكثر منها" فالإنسان فقد الإنسانيّة ، سأُدافع عن عالمي بأسلحة تُبيد الظلم وتُبقي الخير ، هكذا سأثورة ثورة مُسالمةً.

أعلمُ أنني سأموتُ في سبيل تغيير العالم ولكن لا بأس ، سأموت أنا وسيحيا الآلافُ من المُطالبين بالحُريّة غيري ، سأموتُ وستبقى ثورتي حيّةً تُذكر على مر الأزمان ، إذاً أهلاً بالموت إذا كانت الثّورة ستبقى ، أهلاً..

سأُضحي بحياتي في سبيل تغيير هذا العالم ، علّه يتغير ، ولكن ثورتي المُسالمة هذه لن تُؤثر بالكثير ، فالبعضُ يفضّل الوحشية ولا يتعاملُ إلّا بِها..

سأموت ، ولكنني سأعود روحاً بجسدٍ آخر يبحثُ عن الحريّة ، عاشقاً للإنسانيّة ، سأعود حتى وإن قُتلت.

 قال الشّاعر :

أتظن أنك عندمـــا أحـــرقتنــي *** ورقصت كالشيطان فوق رفاتي

وتركتنـــي للذاريــات تـذرنــي *** كحلاً لعين الشمس في الفلـوات

أتظـن أنك قـد طــمست هويتي؟ *** ومحــــوت تاريخي ومعتقـــداتي؟

عبثا تحاول لا فنـــاء لثائر *** أنــــا كالقيامـــة ذات يـــــوم آتِ

أنا مثـل عيـسى عــائد وبقــــوة *** مــن كـــل عاصـــفة ألـمُّ شتـاتي

سأعــود أقدم عاشــــق متمــرد *** سأعـود أعظـم أعظم الثــــورات



سأتحرر من القيود