جُرحي



كُنتُ أركُض ، وكأنني أهربُ من أمرٍ أو شخصٍ ما ، لا أعلم.
كُنت ضائعة ، خائفة ومرتعبة ، فإنّني أهربُ من مجهولٍ إلى مجهول!
رأيتُ خيالاً أسود بدأ بمُطاردتي ، حتى قرُب مني ، ارتعبت فزُدت خطواتي سُرعةً حتى إستطعتُ من الهرب ولكنهُ سرعان ما اقترب منّي من جديد ، ركضتُ بكُل ما أملكُ من قوّة ، حتى ظننتُ أن أنفاسي سوف تنقطع
.
ابتعدتُ عنه وأخيراً ، أردتُ تخفيف خطواتي ولكنّني لم أستطع فالخوف قد سيطر عليّ وحدّني على الهلاك ، بقيتُ على هذا الحال ، حتّى صرتُ في مكانٍ غريب يعمّهُ السّواد والهُدوء المُخيف ، ولكنّني رغم ذلك لم أتوقف عن الجري ، وليتَني توقفت ، فقد تعثرتُ بحجرٍ فسقطتُ على يدي اليُمنى ، رُغم أنّني لم أرَ شيئاً ، إلا أنّ نزيف جُرحي قد بان في وسطِ الظّلام ، أحمر ، مُخيف..
احمرّت يدي بأكملها وكأنّها تُساند هذا الجرح الطّفيف ، رُغم بساطته إلا أنه مُؤلم ، وكأنّه ينتزِع الرّوح منّي ، وكأنه يبتلعني!
حاولتُ أن أخفّف نزيفه ولكنّه يزداد حتى شعرتُ بأن دمِي قد نفد ، ضمدتُه علّه يبرأ ، ثُمّ توسدتُ التّراب تعباً حتى نُمت.

لا زال جُرحي ينزف ، نفد دمي فبدأ باستنزافي أنا ، جرحي يبتلعُني ، حتى دخلتُ في دوّامةٍ غير مُتناهية ، رحتُ أدورُ بانسجامٍ معها وهي لا تتوقف ، لا أدري أين أنا  ، حتى سقطت ، سقطتُ من أعلى إلى أن هبطتُ على أرضٍ جافّة وكئيبة ، تكسوها النباتاتُ الميّتة والغيوم الحزينة تُمطر عليها ، ثمّ مشيتُ قليلاً فرأيتُ مُروجاً خضراء مُبهجة تزرعُ السّعادة في كل مكان وتبعثُ التفاؤل في كل نفس ،وكُنت أراني في كُل مكان ، أُنظّم هذا العالم وأُديره كما أشاء ، وكأن الآية قد عُكست فأنا المُسيطرة على العالم وليس العالَم مُسيطرٌ علي ، أنا التي أحتوي العالم فالعالمُ لا يحتويني ، كُل هذا ، رأيته في جُرح..

قال الإمام علي -عليه السّلام- :                  
"وتحسبُ أنّك جُرمٌ صغير ` وفيك انطوى العالمُ الأكبر".
 
 
الجَرحُ ابتلعني.







تعليقات

المشاركات الشائعة