مجلِسي.


في كلّ يوم ، يضج المجلس فيَّ ، الحُضور كلّه أنا..

- أنعاك؛
في كلّ لحظة ، يصرخُ النّاعي في داخِلي مُستصرخاً إيّاك على هيئةِ صوتٍ جزوع ، باكٍ ، مُحب.
نعيُك يستوطِنني ، يمثّني ، يقتلني؛ لأحيا..
لعمرُك سأنعاكَ نعياً سرمديّاً؛ فوإن أسلمني الردى للتواري عن الوُجود سأُبقي طيفي حائماً بين مجالسك ، ينعاك., يجلسُ بين يدي منبرك يَبكيك. يتثقفّ القليل من كثيرك. يسألك الدّعاء..

وإن مُت ؛ سأنعاكَ للموتى ، سأُبكي عليكَ أرواحهم ، لأُنير ظُلمة المقابر بنور مجالسك..
سأُصبح ناعيكَ الميّت؛ الحي بك.

- لأبكينَّ عليكَ بُكاء الجزوع ، الفاقد. سأبكيكُ بُكاء القلب وإن جفّت الأدمُع..
كبُكاء يعقوب ليوسف ، صيّرتني يعقوبك.
سأبكيك حتى تجفّ عيناي وتصدأُ، ثمّ تبيضُّ بُكاءً. سأبكيكَ لأنني أعلمُ أنّ في الدّمع طُهري ونصري ، لأنّك منتشلي من غياهب النفس.

سأبكيكَ في القبر؛ حتى أُندي كفَني ، وأُخضّر ضُمور قبري.
سأصرُخك صرخة إباءٍ وقضيّة ، ثمّ لأبكينّك عاطفة فأُبكي القبور عليك ، لأُبكي الموتى ،وقُبورهم ، ولُحودهم..
سأصرخُ لأكسر صمتَ المقابر وأُعيد فيها الحياة -عزاءً-.

- لأضربنَّ عليك الصدر ؛ وكيفَ لا أضربُ صدري وأنا أسمعَ صوتَ حوافر الأعوجيّة وهي تطِئ على صدرٍ سكنت فيه نفسُ الرّسول..
وكيفَ لا أفجّر الدّماء من صدري وأنا أرنو ببصيرتي ركضَ الخُيول على جسدٍ توسّد الثرى ، وكيفَ لا أجزعُك -ضرباً- وقد رضّضتكَ القومُ بالدّهم والشّقر..
لأضربنّ عليكَ الرأس؛ وكيفَ لا يُضرب رأسي والرّأسُ منك فوق الأسنّة مرفوع ، والجسدُ منكَ على الرّمضاء مُمزّق..

وفي قبري؛ لأشقنّ كفني فألطمُ صدري مفجّراً منه دماءً تفتديكَ أيّها المفدى
لأحوّلن بيضَ كفني..
قنا لونُه ؛ بلطمي عليك
اقبَل مجلسي ياسيّد الشُهداء , حيّاً كنتُ أو ميّتاً.

تعليقات

المشاركات الشائعة