فارسُ السَقي.
حرٌ شديد وعطشٌ أشدّ. استأذن أخاه ليبرز في
للمعركة , ليأتي بالماء راوياً عطش
الأطفال والنساء.
برَز للمعركة مُرتجزاً : "..نفسي لنفسِ
المُصطفى الطُّهر وقا" قاتل وقتَل من الأعداء ماقتل , حتى وصل للنهر.
هُناكَ على نهر الفُرات , وقفَ القمر. يُمسك
الماء ثُم يُلقيه ويقول ".. من بعدهُ لا كنتِ أن تكوني.."
يملأ قُربته , يُوفي بوعده لتلكَ الفتاة
الصغيرة العطِشة المُنتظرة له في الخيمة. يستعد للرجوع لابنة أخيه , يركب جواده ,
يتأهب , يعدي على أرض الميدان. تُحاوطه الرجال من كلّ جانب , يُحارب مُحاربة
الأبطال الجبابرة , مُحاربة والده الكرار , حارب وعطش الأطفال بين عينيه..
من وراء تلكَ النَخلة , أتاهُ سيفَ غدرٍ فقطع
يمينه "والله إن قطعتُم يميني , إني أُحامي أبداً عن ديني" , وحمل على
القوم حملَ أبيه الضارب بالسيفين. كُمن له من وراء نخلة -مجدداً- , وضُربت يساره "قد
قطعوا ببغيهم يساري , فأصلهم ياربّ حرّ النار" , وظلّ مُتمسكاً بالقِربة
بنواجذه وأنين الطُفولة العطِشة يرنّ في أذنيه.
حاول جاهداً أن يُوصل الماء إلى الخيمة ,
أتاهُ سهمان , نبتَ الأول في عينهِ وأطفأ نورها , ونبتَ الآخر في القربة فسيلَ
ماؤُها..
وفي النِهاية , يُضرب بعامودٍ فيفلقُ رأسه
"وانشقّ القمر"..
سقطَ وصاح "أخي ياحُسين"..
-
في الخيمة:
-عمّة , أين عمي العباس؟ قد تأخر جداً
-آتٍ , إنّه آتٍ..
تُجاوبها , وهي تخاف عدم رُجوعه.
-
الحُسين , كان واقف ينظر أخيه , سمعه يصرخ , يُنادي-
ركض له ووضع رأسه بن أحضانه
وهُو يرى أخاهُ الوفي يلفظُ أنفاسه الأخيرة . شهيداً عطشاناً.
"الآن انكسر ظهري.." صاح الوالي
مكسور الظهر , قليل الحيلة..
راح لمُخيّم المُخدّرة , لزينِ أبيها ,
اقتلعَ عامودَ خيمَتِها
تعليقات
إرسال تعليق