كهيعص -الجزء الرابع

عين
--
في الخيم:

أطفالٌ تتلوى من العطش ، تتألم ، تُنادي على ساقيها "عمّاه"..

ذاك مهدٌ هُزّ بآهاتِ حسرةٍ ليُهدئ ونين الرضيع ، تُهوّده والدته بتباشير السقاء بعد قليل ، سقيةً لن يظمأ بعدها أبداً..

وتلكَ طفلة جلست عِند باب الخيمة ، تشخصُ نظرَها للنّهر "عمّة أين هو؟ قد تأخّر علينا"..

وهي ، الصابرة المُحتسبة ، جلست تُهدئ من روع الأطفال ، وتُصبّر الثكالى ً وتمسح على رؤوس الأيتام ناسيةً العطش..

على الميدان:

أبطالُ الحرب عجّجت الفيافي بحوافر خُيولها ، تقلّدوا السيف وهم يُنادون بالحمى لابن الطُهر فاطمة.. أيّ عطشٍ هذا؟ لا يعرفون العطش والله ، بل سيُسقون سقية الكوثر ليُنفى عطشهُم ، ها هُم يعجّلون السعي للكوثر باستشهادهم..

ذاكَ شبلُ الحُسين على الرّمضاء مُزّق بالرّماح وهو يصرخُ لوالده "ذاك جدي سقاني بكأسه الأوفى" ، وهُناكَ أصحابٌ تعجّل السير للمنايا طالبةً السّقي من يدي ساقي الكوثر..

على النهر:

تجلّت الأخوّة الوفيّة ، نسيَ العطش ، وتذكر أخاه ، ألقى الماء في النهر "من بعدهِ لا كنتِ أن تكوني"..
ملأ قربته ، راحَ يعدي على الرمال ناحية الخيام ، ليُسقيهم فيُسقى..
نيل مِنه ، وعرجَ ساقي العُطاشى عطِشاً لوالده..

العطشُ الأعظم:

ذاكَ الصابر المُحتسب ، صبَر على عطشه وعطش أولاده وحرمِه.. عطشٌ وثُكلٌ ودماء ، حملَ كُلّ هذا في صدره العظيم ، صدره ذاته الذي رضّضته القوم بالدّهمُ والشُقر.. صدره ذاته الذي جلسَ عليه الرجسُ ليحزّ نحره ، عطِشاً ظمآناً صابراً مُحتسبا..

سلامٌ على العطشانِ القتيل..

تعليقات

المشاركات الشائعة